إنَّ نجاح أي شركة لا يتوقف عند وضع خطة استراتيجية مبتكرة، أو توفير منتجات عالية الجودة فحسب، بل يرتكز بشكل أساسي على العنصر البشري الذي يشكل قلبها النابض وأهم أصولها. فالموظفون هم المحرك الحقيقي وراء تحقيق الأهداف، وعندما تتم إدارتهم بالصورة الصحيحة، فإنَّهم يصبحون شركاء حقيقيين في النجاح. وبناءً على ذلك، إدارة الموظفين ليست مجرد مهام إدارية روتينية، بل هي تبنى على فن التعامل الوظيفي القائم على خلق علاقات قوية تعمل على تحفيز الإبداع، وتوفير بيئة عمل محفزة.
في هذا المقال، سنتحدث عن استراتيجيات التعامل مع الموظفين، ونقدم نصائح للمديرين بهذا الخصوص.
أبرز استراتيجيات التعامل مع الموظفين بشكل سليم
إن هناك العديد من الاستراتيجيات المختلفة التي يمكن اتباعها عند التعامل مع الموظفين، ولكن بعضها قد يكون له تأثير أكبر بالأخص على الإنتاجية النهائية لهم، وهذا ما سوف نقصده في أهم الاستراتيجيات فيما يلي:
الاستراتيجية الأولى، وهي التعاطف والاهتمام:
تعتبر واحدة من أهم الطرق التي تسهل إيجاد علاقة مناسبة ما بين الشركة وما بين الموظف، وهو أن يشعر بأن هناك شخص ما يهتم بأمره من حيث المهام ومن حيث صحته وراحته، و وضع العمل في النهاية.
يساعد ذلك الأمر على زيادة الولاء والانتماء الوظيفي، ويرفع من الأداء بشكل كبير، لأن الموظف ذو النفسية الجيدة أثناء العمل ينتج إنتاجية أعلى كفاءة بكثير.
الاستراتيجية الثانية، وهي الصدق:
تعتمد هذه الطريقة على إحترام نظام العمل، وتعتمد كذلك على الصدق في مختلف الوعود التي تكون ما بين الشركة أو المؤسسة، وما بين الموظف لبناء علاقة من الثقة.
الاستراتيجية الثالثة، وهي الثقة في الموظف:
يوجد بعض الشركات التي تقع في خطأ فادح، وهو إعتمادهم على أن يكون هناك قلة في الثقة عند كل الموظفين من حيث اعتبارهم شخصيات مؤقتة، ومن حيث عدم إعطائهم صلاحيات أعلى، وعدم الوثوق في خططهم، وذلك خطأ كبير يؤدي إلى إحباط الموظف.
حيث يجب على الشركة والمدير أن يكون هناك ثقة يتم بناؤها ما بين الموظف وما بين المؤسسة، حتى يستطيع استخراج الأفكار الجديدة، وحتى يكون مشجعا ليقوم بالابتكار الجديد.
الإستراتيجية الرابعة، وهي أهداف الموظف:
عندما يكون الموظف في شركة ما، فإنه من الضروري أن يعلم المسؤوليات، وأن يعلم الواجبات التي عليه تحقيقها، والأهداف الذي يجب أن يصل إليها، وهذه هي التوقعات الأساسية من الشركة، وبشرط أن تكون التوقعات منطقية لا تظلم الموظف، وذلك حتى يكون هناك علم في بال الموظف بأن هناك توقعات يجب أن يحققها.
الإستراتيجية الخامسة، وهي تحسين العلاقة بين الفريق:
كل أعضاء الفريق يعملون في النهاية مع بعضهم، وكلهم عبارة عن ترس في محرك كبير من الأعمال التي تكمل بعضها، وعلى الإدارة أن تهتم دائما بأن يكون هناك علاقة جيدة بين الموظفين، وأن يكون هناك تشارك بينهم.
وذلك لأن المشاكل بين الموظفين وبين بعضهم سوف تعطل من سير العمل، وسوف تؤدي إلى الكثير من المشاكل في الإنتاجية ومشاكل أخرى كثيرة.
الإستراتيجية السادسة، وهي تحقيق التوازن:
تعتمد هذه الاستراتيجية على شكر الموظف عندما يقوم بالأعمال الجيدة، وعلى نقد الموظف عندما يقوم بأعمال سيئة، ويجب أن يكون هناك موازنة ما بين المدح وما بين الزم، وما بين المكافأة، وما بين العقاب.
الإستراتيجية السابعة، وهي القدوة:
تعتمد هذه الاستراتيجية على أن يكون هناك قدوة في الفريق، سواء كان ذلك المدير أو قائد الفريق، ويعتمد ذلك الأمر على أن الشخص الذي يقدم النصائح والتعليمات للفريق يجب أن يكون هو بالفعل يلتزم بها. على سبيل المثال، إذا كان من المطلوب من كل الفريق الوصول في الموعد المحدد بالضبط، فيجب على من قال التعليمات أن يكون أول من ينفذ هذه التعليمات، وهكذا.
الإستراتيجية الثامنة وهي الاهتمام بمشاكل الموظفين:
من الطبيعي أن يعاني بعض الموظفين من المشاكل، سواء كانت بسبب التأقلم أو بسبب العمل، أو لأي مشاكل أخرى، ويجب على الإدارة أن تهتم بمشاكل الموظفين، وأن تعمل على إيجاد الحلول المناسبة لها.
وتعتبر الاستراتيجيات التي سبق ذكرها واحدة من أفضل استراتيجيات التعامل مع الموظفين، والتي سوف تفيدك بالتأكيد، وفي باقي هذا المقال سوف نستفيض ونتعرف على فئات مختلفة من الموظفين، وعن كيفية التعامل معهم.
اقرأ عن: طرق تحفيز الموظفين
كيفية التعامل مع الموظف الوقح
الموظف الوقح هو أي موظف يأتي بسلوك غير لائق وغير أخلاقي، مثل الإساءة اللفظية والتحدث بصوت عالٍ والتنمر على بقية الموظفين وأطقم العمل. هذا السلوك مؤذ ويمكن أن يسبب التوتر للموظفين الآخرين في الشركة. لذا عند التعامل مع الموظف الوقح، تذكر أن تحافظ على هدوئك ولباقتك، حتى في مواجهة الإساءة اللفظية، سواءً كانت موجهة لكَ أم لغيرك. كما أنَّه من استراتيجيات التعامل مع الموظفين الوقحين تجنُّب الدخول في جدالات معهم، فقد يؤدي ذلك إلى إحداث مشاكل أكثر خطورة في مكان العمل. بدلاً من ذلك، خذ نفساً عميقاً واستجب بطريقة هادئة واحترافية.
وإذا تجاوز الأمر حده بصورة لا يمكن السكوت عنها، يصبح لزاماً عليك بوصفك مديراً أن تتخذ إجراءات تأديبية، أو بكل بساطة، يمكنك تصعيد الموقف إلى مديري الموارد البشرية أو المدير التنفيذي لمنع الموظف الوقح من التسبب بالمزيد من المشاكل.
قد يهمك: أفضل الممارسات في إدارة الأداء وتقييم الموظفين: دليل شامل لمديري الموارد البشرية
كيفية التعامل مع الموظف الخبيث
الموظف الخبيث هو ذلك الشخص الذي يسعى عادة إلى إلحاق الضرر بالآخرين، أو تحقيق مكاسب شخصية على حساب زملائه، أو تخريب بيئة العمل. التعامل مع مثل هذا الشخص قد يُشكِّل تحدياً كبيراً، ولكنَّه ضروري جداً للحفاظ على بيئة العمل والإنتاجية.
قبل أن تتمكن من التعامل مع الموظف الخبيث، يجب أن تفهم دوافعه وأهدافه. قد يكون هذا الشخص يعاني من مشاكل شخصية عميقة، أو يحاول تعويض نقص في مكانته الاجتماعية، أو أنَّه ببساطة يتمتع بشخصية سلبية. بعد ذلك، يجب أن تفكر بحكمة وتتصرف بحزم. ابدأ بتحديد السلوكيات الخبيثة بوضوح، مثل نشر الشائعات أو إثارة الفتن بين الزملاء، لضمان أنَّ التقييم يستند إلى وقائع محددة وليس إلى انطباعات شخصية.
من الضروري أيضاً الاستماع لوجهة نظره لمنحه فرصة لتوضيح موقفه، ولكن يجب أن تكون الرسالة واضحة بأنَّ السلوك الخبيث لن يتم التساهل معه. وإذا لم يؤد الحديث معه إلى أي نتيجة إيجابية، فمن الضروري إشراك بقية الأقسام الإدارية. قدم لهم الأدلة التي جمعتها، واشرح تأثير سلوك هذا الموظف على بيئة العمل. وإذا استمرت المشكلة، قد يكون الحل الأمثل هو نقل الموظف إلى قسم آخر أو حتى التفكير في إنهاء عمله إذا لم تظهر أي علامات لتحسُّن سلوكه، بهدف حماية باقي الفريق وضمان استمرارية العمل بكفاءة.
طريقة التعامل مع الموظف المتمرد
الموظف المتمرد هو شخص يرفض الامتثال للقواعد واللوائح، وغالباً ما يتحدى سلطة المدير. قد يكون هذا السلوك ناجماً عن عدة أسباب، مثل عدم الرضا عن العمل، أو الشخصية الصعبة، أو سوء الفهم. استراتيجيات التعامل مع الموظفين المتمردين تبدأ بفهم سبب التمرد نفسه؛ قد يكون السبب هو الشعور بالإحباط بسبب نقص التقدير، أو عدم التوافق مع الإدارة، أو حتى الرغبة في التغيير.
من الهام التحدث مع الموظف لفهم دوافعه بشكل أفضل، فقد يكون التمرد ناتجاً عن مشكلة قابلة للحل إذا ما تم التطرق إليها بشكل صحيح. بعد فهم الأسباب، يجب أن يتم التواصل مع الموظف بشكل صريح وواضح؛ وهذا يعني إجراء حوار مفتوح ومباشر يعبر عن التقدير لآرائه وتفهُّم مخاوفه، مع التأكيد على ضرورة الحفاظ على الاحترام المتبادل والالتزام بمعايير السلوك المهني. يجب توضيح أنَّ التمرد غير مقبول في بيئة العمل، لكن في الوقت نفسه، من الهام إظهار استعداد الإدارة لسماع مقترحاته والعمل معاً على إيجاد حل.
بعد أن يتم تحديد المشكلة بشكل دقيق ومشترك، توضع خطة عمل لحلها تشمل خطوات محددة وجداول زمنية واقعية. في نهاية المطاف، الهدف هو تحويل التمرد إلى فرصة لتحسين الأداء وتعزيز التعاون، مما يسهم في خلق بيئة عمل مريحة لجميع الأطراف.
نصائح لتكون مديراً ناجحاً مع موظفيك
بالإضافة إلى استراتيجيات التعامل مع الموظفين التي تم شرحها، يجب عليك بناء علاقات قوية مع موظفيك بشكل عام وخلق بيئة عمل إيجابية محفزة لتكون مديراً ناجحاً. إليك بعض النصائح التي يمكن أن تساعدك:
- بناء الثقة وترسيخ الاحترام في بيئة العمل: بناء الثقة والاحترام هو الأساس الذي تُبنى عليه أي علاقة عمل ناجحة. يتحقق ذلك من خلال توفر المصداقية والإنصاف في تعامل المدير الناجح مع الموظفين، وتقدير جهودهم وإنجازاتهم. كما يجب على المدير أن يكون قدوة حسنة ويطبق القواعد على الجميع بالتساوي، كما يجب أن يَمنح الموظفين الفرصة للتعبير عن آرائهم ومقترحاتهم، وأن يستمع إليهم بانتباه وحرص.
- التواصل الفعال: المدير الناجح يكون واضحاً في توجيهاته وتوقعاته، ويحرص على أن يفهم جميع أعضاء الفريق الأهداف والمسؤوليات المطلوبة منهم. يشمل التواصل الفعال الاستماع لمشكلات الموظفين ومقترحاتهم، مما يعزز شعورهم بالتقدير وأنَّهم جزء من الحلول لا المشكلات. لذا يجب على المدير أن يكون قادراً على تقديم الملاحظات البناءة بطريقة تحفز الموظفين على التحسُّن بدلاً من التسبب بإحباطهم.
- تطوير الموظفين: رفع كفاءة الموظفين استثمار في مستقبل فرق العمل والشركة على حد سواء؛ لذا يجب على المدير أن يحدد نقاط القوة والضعف لدى كل موظف، وأن يعمل على تعزيز المهارات اللازمة لتحقيق النجاح. يمكن القيام بذلك من خلال تقديم التدريب المناسب، وتوفير فرص التعلم المستمر، وإشراك الموظفين في مشاريع تحديات جديدة. إضافة إلى ذلك، إنَّ تطوير المواهب داخل الشركة يساعد في إعداد الموظفين لتولي مناصب قيادية مستقبلية.
- تقديم الدعم: يجب على المدير أن يكون حاضراً لدعم موظفيه في تحقيق أهدافهم وتطوير مهاراتهم. يمكن تحقيق ذلك من خلال تقديم الثناء على الإنجازات، وتوفير فرص التعلم والتطوير، والاستماع إلى أفكارهم ومقترحاتهم. كما يتعيَّن عليه أن يُظهر اهتماماً شخصياً بموظفيه، وأن يكون متفهماً لاحتياجاتهم وتطلعاتهم، ليشعروا بمدى تقديره لجهودهم ويزداد ارتباطهم بالشركة.
- حل المشكلات: يواجه أي فريق عمل تحديات ومشاكل؛ ودور المدير هو توفير بيئة آمنة تسمح للموظفين بالتعبير عن مخاوفهم ومشاكلهم بحرية. يجب على المدير أن يستمع بانتباه إلى شكاوى الموظفين، وأن يحاول فهم جذور المشكلة، مع التركيز على حلها لا على تحميل المسؤولية على طرف معين. بعد ذلك، يمكنه العمل مع الموظفين المعنيين لإيجاد حلول عملية ومقبولة للجميع.
- إدارة النزاعات: في حين لا يمكن تجنُّب النزاعات تماماً في بيئة العمل؛ يمكن للمدير إدارة النزاعات بطريقة فعالة من خلال التدخل في أقرب وقت ممكن لحل أي نزاع قبل أن يتفاقم ويتحول إلى مشكلة تؤثر على إنتاجية وأداء فريق العمل، ومن ثمَّ يعمل على تهدئة الأوضاع وإيجاد حلول وسط. يجب على المدير أن يكون محايداً، وأن يعامل جميع الأطراف المعنية بإنصاف للحفاظ على التناغم في بيئة العمل.
المصادر

